نبحث عن الحقيقة

ثورة القرن ال21: ملامح وخصائص

بقلم: علي عبدالله أحمد صومل

طلائع المجد_مقالات:
لثورة ال21من سبتمبر محدداتها الإيمانية وموجهاتها القرآنية أكسبتها ملامح وخصائص ينقطع نظيرها في ماسواها من الثورات الشعبية التي شهدتها الكثير من البلدان العربية مطلع العقد الثاني من القرن ال21م .

ففي هذه الثورة اليمنية المباركة- التي هي بحق ثورة القرن ال21م- تجلت وتتجلى -للخارج قبل الداخل – مصاديق الأثر النبوي الشريف القائل (الإيمان يمان والحكمة يمانية ) ،وإليك بعضا من ملامح وخصائص هذه الثورة:
1-ترسيخ وتمتين الأخوة الإيمانية والوحدة الوطنية بين أبناء اليمن الواحد التي تجسدت عمليا على أرض الواقع ،بعيدا عن التباينات المذهبية والحزبية والجهوية التي كانت تشق طريقها أنصار الفرقة وتشب حريقها أكيار الفتنة .
فقد جاءت ثورة ال21من سبتمبر لتجدّد نموذجية يمن الإيمان في التعايش الإنساني والتسامح الديني ولا أدل على ذلك من المشاركة الجماهيرية الواسعة في هذه الثورة الشعبية الجامعة فقد كانت ساحات الثورة تستقبل جموع الأحرار الوافدين إليهامن كل حدب وصوب كما كانت أدبياتها تعبر عن مطالب جميع الثوار المجمعين عليها من أي مذهب أوحزب .
2- قطعت ثورة ال21من سبتمبر وتين الوصاية الأمريكية على اليمن الحبيب لتؤسّس مستقبل شعبنا اليمني المسلم العزيز على قاعدة: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ) ،وذلك بالثورة على المنافقين: (‘الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ ) فق دكسرت أذرعة العمالة والخيانة والبغي هنا في الداخل متوزعة على النظام الدكتاتوري العسوف والتيار التكفيري المتوحش .
لتدخل في صراع كوني شامل مع أجندة الهيمنة الأمريكية الأقوى والأعتى في المحيط الأقليمي والعربي بالكامل .
والثورة في الأساس هي انتفاضةٌ تحررية غاضبة ضد الهيمنة الخارجية والوصاية الأمريكية بالدرجة الأولى وإجهاض مشاريعها التدميرية التي تستهدف وحدة وأمن واستقرار البلد (أقلمة الوطن هيكلة الجيش دعششة الشعب ) .
3-من عجائب هذه الثورة أن كل الظلمة والبشمرقة والجبناء يكرهونها حتى أولئك الذين نالتهم بركاتها دون مقابل يهزأون بها؛ لأنهم يعلمون أنها ثورة الأحرار والمستضعفين فقط لاتنسجم أهدافها مع مصالح الطغاة، ولا تلتقي مع مطالب المستكبرين الظلمة .
وبالتالي فحتى وإن أنقذتهم- هذه الثورة – من خصومهم الفجرة فسيظلون يجحدون نعيمها فهم يعيشون نزواتهم الانتهازية الحقيرة ،وتطلعاتهم الشخصية الصغيرة ،ولايدركون معنى العزة الإيمانية والكرامة الإنسانية .
4-من أعظم ما صنعته هذه الثورة اليمنية المجيدة أنها أعادت صياغة الهوية اليمنية الفريدة ونفت الخبث عن ثقافته الدينية الأصيلة اللتين تعرضتا لمحاولة التجريف والتحريف ،وعلى مدى عقودٍ من الزمن .
وتصالح اليمنيون اليوم مع ذاتهم الأولى وشخصيتهم المثلى ومع تأريخهم المجيد المشرق بعد أن كانوا قد تقمصوا شخصية الآخرين المشبوهة وانفصلوا عن تأريخهم اليمني الأصيل وإرثهم الحضاري المتميز .
ولعل هذا هو سر صمودهم المعجز في وجه الهجمة العدوانية الشرسة التي تستهدف اليمن أرضا وإنسانا وفكرا وهوية فتمتين علاقة اليمنيين برسولهم الأعظم وبأهل بيت نبيهم الأكرم وخصوصا إلامام علي ابن أبي طالب “ع ” (من حبه إيمان وبغضه نفاق) ، ولايمكن أن يكون الإيمان يمانياً وبنوه نواصب يبغضون علياً .
فحب اليمنيين لعلي بن أبي طالب عليه السلام ونصرتهم له في الحاضر هو مفتاح من مفاتيح النصر الذي يحققه اليمن أبطال الأبي الثائر في صراعهم مع تحالف العدوان السعودي الأمريكي الجائر استجابة لدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،في يوم الغدير فبعد أن قال مبلغا عن الله عزوجل: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه ) ،رفع يديه داعيا (اللهم وال من والاه وعادمن عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله )، ودعاء الأنبياء مستجاب بالإجماع ولقائل أن يقول كيف ينصر اليمنيون عليا في هذا العصر؟
وسأترك عليا ع يجيب على هذا السؤال بنفسه
فقد ورد في كتاب نهج البلاغة أنه عليه السلام لما أظفره الله باصحاب الجمل وَ قَدْ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَدِدْتُ أَنَّ أَخِي فُلَاناً كَانَ شَاهِدَنَا لِيَرَى مَا نَصَرَكَ اللَّهُ بِهِ عَلَى أَعْدَائِكَ فَقَالَ لَهُ ( عليه السلام ) أَ هَوَى أَخِيكَ مَعَنَا فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدْ شَهِدَنَا وَ لَقَدْ شَهِدَنَا فِي عَسْكَرِنَا هَذَا أَقْوَامٌ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ أَرْحَامِ النِّسَاءِ سَيَرْعَفُ بِهِمُ الزَّمَان( يأتي بهم فجأة)ُ وَ يَقْوَى بِهِمُ الْإِيمَانُ ) .
هاهم اليمنيون اليوم يا أميرالمؤمنين قد رعف بهم الزمان وقوي بهم الإيمان فقد أصبح صغار اليمن قبل كباره (سيوفا قاطعة لأعناق أهل الطغيان ورماحا شارعة في كبد أهل العدوان ) ،وكأنهم يذكروننا بأسلافهم العظماء بالأمس (الأشتر النخعي رحمه الله أنموذجا ) .
أجل
لقد كان الطابع الجهادي والفكر الثوري الذي تطبّع عليه ،وتشبّع به اليمنيون منذ القرون الأولى وخصوصا منذ القرن الثالث الهجري هو ما جعل اليمن جديرا بأن يكون مقبرة الأناضول ومقبرة الغزاة ومن الملاحظ في التأريخ اليمني المعاصر أن الحملة الاستعمارية التي اكتسحت البلدان العربية في القرن الماضي أحجمت عن محاولة الإقدام على الاستعمار العسكري لشمال اليمن وما ذلك إلا لأنها درست إيدلوجيته الفكرية وتركيبته الإجتماعية فوجدته صعب المراس، وعصيا على الانكسار ،يأبى الضيم ،ويثور على الظلم .
فمبدأ الثورة والخروج على الظالم من أصول عقائده وصميم ثقافته فهل من يعتقد وجوب الانتفاضة على حاكمه المسلم إذا فسق أو جار سيحْجُمُ عن مقاومة البغاة ،أومنازلة الغزاة ،وخصوصا إذا كانوا هوداً ونصارى ؟! الواقع يجيبكم
5-وتبقى خصوصية مهمة جدا تميزت بها هذه الثورة، وهي القيادة المؤمنة الصادقة قيادة الثورة الحكيمة ممثلة في السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي _حفظه الله تعالى_ الذي قاد الثورة بحنكة وشجاعة ،ولولاهذه القيادة الرشيدة ومن إلى جانبها من الكوكبة العلمائية المستبصرة والنخبة السياسية الحرة، ، لما تحقق شيئٌ من أهداف الثورة ولأجهضها النافذون في السلطة فورا أو لسرقوا انجازاتها كما صنعوا بسابقتها من قبل .
وختاما نقول :
كفى هذه الثورة شرفاً أنها من صنع اليمن الخاص، فثقافة الثورة متجذرة في أعماق ووجدان شعبنا اليمني الحر ،و قد أخذوا من إرث الثورة بحظ وافر ،وهذا هوأعظم ما يميزها عن ثورات المهجر التي استُوردت بنودُها وجنودُها من خارج الوطن .
ثورتكم منتصرة ،وخصومكم منتحرة ،وكل عام والجميع إلى خير.

اترك رد