نبحث عن الحقيقة

مكتب الرئاسة!

موقع طلائع المجد | مقالات | 7

بقلم : د/ مصباح الهمداني

إن الحديث عن جريمة اليوم لابُدَّ لهُ من توصيف جغرافي وزماني ،
خاصةً للكثير ممن لا يعرفون المكان،
فمكتب رئاسة الجمهورية، يقع في قلب العاصمة صنعاء؛
في تقاطع أشهر شارعين في صنعاء وأكثرهما اكتظاظًا وهما شارعي الزبيري والتحرير، والزمان وقت الظهيرة وداخل المبنى 1200 موظف..
إنَّ المكان في ازدحامه؛ يشبه الشوارع المحيطة ببرج خليفة في دبي ليلة عيد السنة!

كانت الشوارعُ مليئة بالناس، والمحلات التجارية مفتوحة، والمدارس حول المبنى ممتلئة بالطلاب، والموظفون في مكاتبهم ، ومثلهم من المراجعين…

أقبلت الطائرات وقصفت المبنى بالضربة الأولى، وما إن توافدَ المسعفون لإنقاذِ جريحٍ
في هذا الشارع،
أو لملمة أشلاء امرأةٍ في هذا المنزل، أو حملَ طفلٍ انكسرت ساقه،
حتى جاءت الطائرات لضرب المسعفين،
في عادةٍ وسفالةٍ لم تفعلها دولة على الإطلاق…

انقشعَ الغُبار، وهناك من يمسحُ الدماءَ من ساقه ويقول” خرجتُ من بين الركام،
ولكنَّا صامدون”
وآخر يمسكُ يده المصابة ويقول”سننطلقُ للجبهات”
وثالثٌ يقول”لن تزيدنا هذه الضربات إلا قوة”
ورابعٌ يقول” معاذ الله أن يكون هؤلاء الوهابيون مسلمون”…

انقشع الغبار، وامتلأت المستشفيات بالجرحى والمصابين؛
ليسَ فيهم إيرانيٌ واحد، ولا سنغالي، ولا سوداني، ولا عماني ، ولا روسي..
جميعهم يمنيون؛ هذا من ريمة، وهذا تعز، وهذا من إب، وذاك من صنعاء، وآخر من مارب، وهكذا ..
بينهم بائع الدواء، وفيهم العامل، ومنهم الموظف.. اجتمعوا تحت سقفِ المستشفى، وكلُّ واحدٍ منهم يُردد
” لقد اعتزلنا القتال، فجاءنا القاتِلُ إلى أماكنِ رزقنا”
ويُجيبُ بعدَ زفيرٍ حار”والآن لعن الله من تخلَّفَ عن الجبهات بالمالِ والرجال”

انقشع الغُبار؛ عن مآت البيوت المتضررة في الشوارع المحيطة، فمنها ما تهدم بالكلية، ومنها ما تضرر جزئيًا؛ فالنوافذ تحطمت، والأبواب انخلعت، ولم يسلم بيتُ من الأذى بامتداد الشوارع المحيطة.

انقشع الغُبار، وكلُّ واحدٍ منا يُقدر الضحايا بالمئات، بل من يعرفُ تلك الشوارع وقتَ الذروة سيقدر العدد بالآلاف؛ لكنَّ عناية الله كانت حاضرة، ورحمة الله كانت مستقرة، وفضل الله كان عظيما، فقد وصل عدد الشهداء والجرحى حتى الآن ثمانون.. ومازال البحثُ جارٍ تحت الأنقاض.

انقشعَ الغُبار، والصهاينة في فلسطين، واليهود في كل العالم؛ يزدادون إعجابًا بخادم الحرمين وابنه المهفوف، وبابن زايد المغرور، ويتمتمون بالدعاء لهذين المطيتين الطائعين الخانعين الذليلين، وهم يرونهما ينفذان المهمات بكل دناءة وحقارةٍ ووحشية؛ في شعبٍ عربيٍ مسلمٍ أصيل.

انقشعَ الغُبار، لكنَّ العارفين بشؤون الحرب يعلمون بأنَّ رجال الرجال في الجبهات قد هشموا جماجم الغزاة، فلم يعُد بيد الغازي، إلا أن (يضفعَ) بمثل هذه الجرائم فوق الأبرياء.

انقشع الغُبار، وما زالتْ دماء رئيسنا الصماد تغلي في شرايين وأوردة ثلاثين مليون يمني، وماهذه الجريمة إلا حطبًا للمزيدِ من الغليان، ووقودًا لقوافلَ الفرسان، ونداءً لأبناء يمن الإيمان، بالإنطلاق إلى ميادين العزة، وجبهات الرجولة، وساحات البطولة.
وسيَعلمُ الغزاة عما قريب؛
أين سيستقر بهم مركبهم الطافي فوق سيل دماء اليمنيين الأطهار الأحرار الأخيار!

#مصباح_الهمداني
7/05/2018

اترك رد