نبحث عن الحقيقة

بعد فشله في الُحديدة ، هل يقتنع تحالف العدوان بإستحالة الحل العسكري في اليمن ؟

موقع طلائع المجد | مقلات | 8

بقلم /
العميد المتقاعد اللبناني : شارل ابي نادر

خلال حرب جنونية لامست الاربع سنوات ، خاض الجيش و اللجان الشعبية في اليمن الكثير من المعارك الشرسة ، بمواجهة تحالف العدوان بقيادة المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ، وذلك في مختلف مواقع المواجهة التي توزعت على جغرافية البلاد الواسعة ، و على حدودها الشمالية والشمالية الغربية وما ورائها ، و حيث فشل هذا التحالف في اغلبها ، مع بعض الاستثناءآت جنوبا وشرقا ، تبقى محاولته الاخيرة الفاشلة في السيطرة على مدينة الحُديدة الساحلية على البحر الاحمر ، تُمَثّل المعركة الاكثر حساسية و اهمية ، استناداً لما تحمله من ابعاد ميدانية واستراتيجية ، و ستشكل بلا شك نقطة مفصلية في الحرب على اليمن .

ميدانيا

في معركته الاخيرة وكهدف رئيسي للوصول الى مدينة الحديدة والسيطرة عليها ، نفذ التحالف هجوما واسعا على محور رئيسي ساحلي من الجنوب باتجاه الشمال ، انطلاقا من المخا باتجاه الحديدة ، ومستفيدا من تغطية جوية ومدفعية واسعة ، ومن جغرافية مكشوفة ومفتوحة مناسبة لحركة المدرعات و لحاملات الجند المصفحة السريعة ، تقدم في بعض المناطق الساحلية ، ما بين مفرق المخا – تعز – الحديدة ، مرورا بالحيس حتى النخيلة 30 كلم جنوب الحديدة .

إستنادا لعناصر وظروف معركته الهجومية كما ذُكر اعلاه ، بالاضافة للاستفادة القصوى من دعم ومساندة نيران مدافع وصواريخ السفن و الزوارق البحرية على كامل امتداد الواجهة البحرية الساحلية ، كان مُنتظراً و طبيعياً ان تُحرز وحدات التحالف هذا التقدم المحدود و لكن …

في دراسة عسكرية و تكتيكية لكامل معارك الميدان اليمني، يمكن اعتبار ان المواقع التي وصل اليها التحالف جنوب الحديدة ، بين مفرق تعز- المخا – الحديدة نقطة اولى ، ومنطقة العكيش – بيت مغارى نقطة ثانية ، والتُحيتا نقطة ثالثة ، و جبهة الدريهمي – نخيلة على التخوم الجنوبية المباشرة لمدينة الحديدة كنقطة اخيرة ، اصبحت مماثلة في خصوصيتها القتالية والجغرافية والميدانية لاغلب جبهات المواجهة التي عجزت وحداته عن اختراقها حتى الان ، مثل نهم شمال شرق صنعاء ، والجوف والمتون شمال صنعاء ، و جنوب شرق تعزباتجاه لحج ، و حرض و ميدي الحدودية شمال غرب حجة ، بالإضافة طبعا لكامل مواقع المواجهة في جبهة الحدود اليمنية السعودية و ما ورائها في نجران و جيزان و عسير.

من هنا ، يمكن ان نستنتج سبب توقف التحالف عن التقدم باتجاه الحديدة ، و عجزه عن تحقيق اي خرق بعد ما وصل اليه مؤخرا ، رغم انه قد ضاعف من جهوده العسكرية في المرحلة الاخيرة من المعركة بشكل لافت ، و زاد من إدخال وزج الوحدات واسلحة الدعم الجوي والمدفعي في المواجهة ، والذي يؤكد عجزه اكمال العملية الهجومية و شبه استسلامه ، اللجوء للطلب المباشر من الاميركيين التدخل مباشرة بوحداتهم الخاصة ، لمساعدة وحدات التحالف على الخروج من ورطة الفشل في الحديدة ، والتي هي كارثية لهم نظرا لما سخروه من جهود عسكرية واعلامية لمعركة السيطرة على المدينة الساحلية الاستراتييجة .

استراتيجيا

حتى الان ، يمكن الاستنتاج ان الاميركيين لن يتدخلوا مباشرة في المعركة ، وذلك استنادا للكثير من المعطيات التي يمكن تلخيصها بالتالي :

– لو كان الاميركيون يريدون التدخل بوحداتهم البرية مباشرة ، كنا رأينا ذلك سابقا ، قبل وصول السعوديون والاماراتيون الى هذه الورطة الميدانية والعسكرية في اليمن .
– من الواضح ان الاميركيين يفضلون في قرارة نفسهم ، المراوحة في الوضع الميداني والعسكري الحالي في اليمن ، نظرا لما يحقق لهم ذلك من استنزاف متواصل للطرفين ، لدول التحالف المعتدي من جهة ، و للجيش واللجان الشعبية اليمنية من جهة اخرى .
– استمرار الحرب والنزف لدى الفريقين ، يؤمن للاميركيين الاستمرار بالاستفادة من بيع الاسلحة والتجهيزات العسكرية ، والحصول على التعويضات المادية الضخمة كبدل للاستشارات الفنية والعسكرية والاستعلامية المقدمة لوحدات التحالف .
– ايضا من الاسباب المهمة لعدم رغبة الاميركيين في حسم الحرب ، متابعة فرض الضغوط و الاستغلال الاستراتيجي على دول التحالف من جهة ، وطبعا على ايران ايضا ، من خلال اتهامها بمساعدة الحوثيين بالخبرات وبالصواريخ الباليستية ، الامر الذي ساهم و يساهم في تبرير إنسحابهم من الاتفاق النووي مع ايران .

للأسباب الميدانية و الاستراتيجية المذكورة ، يمكن القول ان التحالف قد يُجبر للسير بالتفاوض للوصول الى تسوية سياسية ، طالما نادى بها اليمنيون ( الجيش واللجان الشعبية وانصار الله ) ، وهذا التفاوض من ناحية ، يكون مخرجا لورطة هذا التحالف و فشله في كامل معاركه في اليمن و خاصة في الحديدة مؤخرا ، ومن ناحية ثانية يكون حلا لورطة اخرى ، اقسى من ورطة المستنقع داخل اليمن ، و هي اشد تأثيرا على جبهته الداخلية وعلى مواقعه الاستراتيجية ، العسكرية والاقتصادية ، في الامارات او في السعودية ، الا وهي الصواريخ الباليستية اليمنية ، والتي يبدو انه وضعها حاليا في اساس نقاط التفاوض المرتقبة لاي تسوية سياسية .

اترك رد