سيدي ومولاي عبدالرحمن حسن الحوثي نبراس هدى وعلم اقتداء

بقلم تلميذه: علي محمد الشرفي

كم احسست بالغبطة والسرور حين وافق أن يكون شيخنا في كتاب عدة الأكياس لما كنت اسمع عنه من امساكه بزمام علوم العقيدة؛ فكان ذلك الدرس بالنسبة لي ولزملائي نافذة ننفذ من خلالها إلى ارتشاف المعرفة والتقاط الحكمة في شتى العلوم والآداب من ذلك المجلس المباركة …

* حينها أحسست أني أمام موسم غني بالفوائد وحقل وافر بالشوارد ، وأن الأمر بحاجة إلى التشمير والكشف عن ساعد الجد والاجتهاد …

* ليس الخبر كالمعاينة فمهما سمعنا عنه فلقد عاينت أبصارنا واطلعت بصائرنا على معين لا ينضب وبحر لن تقف له على ساحل …

* إنها البركة والتوفيق هي ما قادتنا إلى أن نحط في رحاب ذلك المولى العظيم في شمائله وسعة صدره وبعد نظره وكريم اخلاقه فكان يغرف لنا من معارفه ويبصرنا وينصحنا ويعظنا ويهتم بنا حتى أحسسنا أننا أصبحنا جزء من همه، وبعضاً من لحمه ودمه، فلم يعُد شيخنا فحسب بل أضحى أباً وموجهاً ومقوماً، يسأل عن غائبنا، ويعالج قضايا حاضرنا، ويشاطر جميعنا همومنا ومشاكلنا ..

* ولقد رأينا في مخائله سمات الآل المطهرين ولمسنا في أخلاقه صفات الأولياء والصالحين وسيرة الأئمة الميامين …

* كان المولى عليه السلام قريباً من الأحداث متابعاً لما يجري في الساحة العربية والإسلامية والعالمية، وله في تحليلها وقراءتها نصيب، وتشعر من ثنايا خطابه، وتلحظ في فحوى حديثه، وتسمع من منطوق بيانه تألمَه لحال الأمة وضعفها، فتحس بآلام فؤاده، وحرقة طويته، تلفح قلبك وتحيي ضميرك وتنمي وعيك وتكشف مسئوليتك ..

* كانت مواعظه فصولاً متكاملة على نسق رائع كل فقرة ممسكة بأختها فتذهب معه من أول حديثه إلى آخره من دون انقطاع ….

* وكان من خلقه التخفيف على العباد والتلطف بهم ومراعاة طبقاتهم وحالتهم وآفاقهم، الحملُ على السلامة مبدؤه، والتيسير على العامة ديدنه، والرحمة بالناس جميعاً منهجه ..

* كان يقول: إن تفنيد شبه الخصم أساسية في ايصال الحق وتبيين الصواب؛ ولذا كان يولي اهتماماً بالغاً بتوضيح المبهمات وتبيين المعضلات …

* كان يعظِّم ما يقول به المشبهة والمجبرة ويتعجب من افترائهم على الله وجرأتهم ولذلك لا يفتأ يحذر من أفكارهم وينبه على كفرها وضلالتها ….

* وكان عليه السلام دائم الفكر والتفكر في واقع الحياة والدنيا والكون وسعة خلق الله وواسع رحمته ولطفه بعباده وإمهاله للظالمين ..

* وكان على معرفة كبيرة بالتأريخ ويحاول أن يرسخ في عقول من حوله أن الواقع هو امتداد لذلك الماضي ولذا من الضرورة أن نستوعب التأريخ كعبرة ودرس لنوجِّه به المستقبل …

* حسن الإصغاء يستمع لك ويتدبر حديثك كائناً من تكون، ولا يقاطعك ولا يوقفك تخطأ أو تصيب، وحين تنتهي يرفع بحجزتك وينتشل سقوطك إن أخطأت بأدب جم وتواضع رفيع، فلا يشعرك بأنك أخطأت بواضح القول وإنما بالتأني وحسن الحديث، وإن أصبت شجعك وشكرك وبارك لك توفيقك، غير غافل عن تذكيرك بطريقته المألوفة غير الجارحة بضرورة الشكر لله لتوفيقك وعدم الاغترار …

* أنا اليوم يا مولاي أدين لك بالشيء الكثير بأن فتحت لي آفاقاً كانت مؤصدة، ونبهتني لأمور كانت علي مغلقة، فجزاك الله عني خير الجزاء، ووفقني للقيام بذلك الواجب الذي حملتنيه، والنور الذي أشعلته في فؤادي، والهدي الذي غرسته في جناني، فسلام الله عليك هادياً ومرشداً ما تعاقب الجديدان، وأعاد علينا من بركاتك، ونفعنا بعلومك، وجمع بيننا في مستقر رحمته مع آبائك الطاهرين.

التعليقات مغلقة.