الإسلام بين سِندان الانحرافات العقائدية ومِطْرقة المشاريع الاستكبارية

مقالات_طلائع المجد

بقلم / عبدالمجيد عزيز

كلما ارتفعت وتيرة الأعمال الإرهابية المقنعة بقناع إسلامي ، ترتفع معها أصوات وحملات تهاجم الإسلام وتصوره كديانة منتجة لثقافة القتل والكراهية وغير صالحة لإدارة الشعوب والأمم .

وفي إطار التفكير السليم تُصنف نسبة من تلك الأصوات ضمن دائرة الفعل و ردة الفعل وما يصاحبهما من انطباعات خاطئة تولدها الأعمال الإجرامية لدى المجتمعات البعيدة عن الإسلام وكذا في العقليات القاصرة عن فهم واقع قبلي سلطوي سيطر على المشهد العام للتأريخ الإسلامي وأنتج بضاعة دينية مُوائِمة لنزواته استطاعت تزييف وعي الأمة وإبعادها عن المعتقدات الإسلامية السليمة وكان الجميع ضحية لتلك البضاعة الفاسدة .

وفي إطار الواقع وجدنا استغلالا أمريكيا، ودعما لتلك الانحرافات الدينية وحَمَلَتِها واستخدامهما لتحقيق عمليات مزدوجة تبدأ عادة بنشر بضاعة الكراهية والعنف والإرهاب في المناطق العربية أوالإسلامية المستهدفة وتنتهي بتدخلات عسكرية أمريكية وبسط نفوذ وسيطرة وفق سياسة العصا والجزرة .

وباستثناء الأصوات المرتبطة بانطباعات خاطئة ولدتها جرائم القتل والإرهاب سبق توضيحها،
وجدنا علاقة تآزرية بين تلك الأعمال الإرهابية من جهة وبين حملات إعلامية وثقافية وسياسية تستغل تلك الجرائم لتسويق العلمانية كنظام أكثر عدلا وانسجاما مع واقع الشعوب واحتياجاتها وضمان حقوقها .
تقف خلف كواليس كل منهما ذات المطابخ الاستخباراتية والسياسية الأمريكية والغربية التي استغلت الانحرافات الدينية وحملتها لتحقيق أهداف شيطانية كثيرة منها استهداف المجتمعات الإسلامية ثم تشويه الإسلام وتحميله عيوب تلك الانحرافات وإفرزاتها الدموية، والتي لم يكن بإمكانها التوسع والانتشار وتحقيق ما أحدثته من فتن ومجازر ودمار وخراب لولا ذلك الدعم الأمريكي وما يجري في مساره من دعم غربي وأيضا سعودي وخليجي له خلفياته العقدية المشوهة.

ما يجب أن نقرأه هنا هو أن هذه اللعبة الجهنمية و هذا الشر الكبير تقف خلفه دول كبرى تقدم نفسها وينصبها الواقع السياسي نموذجا للأنظمة العلمانية .
فيما لازالت صورتها ملطخة بدماء ملايين البشر على الأرض من فيتنام شرقا إلى ليبيا غربا والصومال والعراق و فلسطين ولبنان وسوريا واليمن .
وما زالت معتقلاتها الشهيرة خارج الأطر القانونية شاهدة على أبشع أنواع التعذيب ضد البشر في جوانتانمو ومن قبله أبوغريب وبغرام .

وما زالت الأسلحة الفتاكة والقنابل العنقودية وطائرات هذه الأنظمة ذات المشاعر الإنسانية الرقيقة والاهتمامات الحقوقية المعلنة تحاصر الأبرياء وتفتك بالنساء والأطفال في اليمن

وما زالت طائراتها المسيرة تنتهك سيادة الشعوب وتوزع هداياها الصاروخية أينما شاءت وتنفذ عمليات قتل جماعية بدون محاكمات يذهب ضحيتها المذنب والبريء .

وما زالت مخالبها التسلطية تخترق المواثيق الدولية وتعرقل القرارات الأممية وتستخدم المنظمات العالمية كسوط يسحق الإنسانية ويعبث بالشعوب .
وما زالت قوانين الغاب ولغة الحرب والقوة هي الوسيلة التي تتعامل بها هذه الأنظمة مع شعوب الأرض .

خلفية إجرامية بشعة ووقائع مأساوية يندى لها جبين الكون ، لم ترتكبها وحوش البشر تحت مظلة البهائمية الحيوانية ولا تحت مظلة الأنظمة الدينية بل تحت مظلة أنظمة علمانية ًًتتبنى الدعوات الحقوقية والشعارات الإنسانية وتتغنى بالعدالة والسلام .
هذه الخلفية ليست صورة لصراع عابر
بل سياسات إجرامية مُتعمدة تقف خلفها خطط ماكرة معدة بعناية ، وأطماع ، وأجندة متحركة تغذيها نوازع الكراهية والإجرام وثقافات شعوبية إقصائية طبقية مادية دينية ، لم تكن لتظهر لو لم تجد لها أرضيات من التفلت وفرتها عيوب العلمانية ، فغابت معها أخلاق الأرض وتعاليم السماء ، وارتكبت بمكرها مالم ترتكبه ثقافة التكفير والتمايز الديني الواضحة منفردة .

فهل يكفي كل هذا لتعترف العصبوية الحداثية بعيوب العلمانية
أم ستظل في قوقعة التهجم على الإسلام وتحميله عيوب وخطايا الأنظمة المتفلتة والجماعات المنحرفة ، و القراءات الدينية القاصرة
فالعصبية سجن يستمتع بظلامه حملة القناعات الخاطئة سواء كانت دينية أو لادينية

وفي كل الحالات هناك حقيقة وجودية لا يستطيع أحد إنكارها
هي أن السلام والتعايش في الأرض غاية لم ولن تحققها ثقافات وأنظمة بشرية قاصرة

التعليقات مغلقة.