تكرر النكبات وغفوات الأمة المتكررة

بقلم \ يحيى البدري

طلائع المجد | مقالات | 27

1947م ليست مجرد أرقام بسيطة سطرت نفسها في التأريخ عبث بل كانت أرقام محبطة جفت منها دموع البعض وتقطعت قلوبهم رعباً ووجعاً وأميتت قلوبهم حزنا أرقام ترملت فيها نساء وانتهكت فيها محارم شتى قتل فيها أطفال ودمرت فيها منازل وأُهلكَ فيها الحرث والنسل في تلك الأرقام كانت البدايات الأولى لتسليم فلسطين لليهود الصهاينة الأرجاس حيث كان العرب في تلك الأيام في متاهة وإن قلت متاهتها عن المتاهة القذرة في اليوم الحاضرلا أقل أن العرب لم تغضب حينها بل غضبت غضباً شديداًولكن ذلك الغضب لم يكن متزناً حتى يكون له أثره المطلوب.
فقد حشدت عام 1948م الجيوش العربية حشوداً عظيما ولكن دون اتحاد واعتصام كجيش واحد ضد عدو واحد
كان الحشد متضمن لكلاً من المملكة المصرية ومملكة الأردن ومملكة العراق وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية
ضد المليشيات الصهيونية المسلحة في فلسطين والتي تشكلت من البلماخ والإرجون والهاجاناه والشتيرن والمتطوعين اليهود من خارج حدود الانتداب البريطاني على فلسطين.
لم يكن لليمن فرصة في المشاركة بين تلك الحشود فقد كانت محتلة من قبل القوات البريطانية وللأسف وكان ذلك سبباً لحفظ ماء الوجه
من الانهزام أمام الكيان اليهودي المتصهين الرجس في تلك الأثناء تداخل بين تلك الحشود بعض الخونة الذين
تسببوا في تفكيك الجيوش وخلخلتها وانهزمت روح التعاون ولم يقف شامخا من بين تلك الحشود كلها سوى الجيش الأردني الذي قام بتسطير بطولات رائعة بطولات خلخلت جيش الكيان الصهيوني وأرعبته واقتضى على استمرار تقدمه انتصار رائع ضد الكيان اليهوديمقابل هزيمة نكراء يتجرعها الكيان الصهيوني.
غير أن خيانة مجلس الأمن وضغوطاته على الجيش الأردني الرائع حينها أجبرته على التراجع ووقف ما بداء بهوانتهت الحرب بنكبة حشود الجيوش العربية منهزمةبهزيمة نكراء جعلت من جيش الكيان الصهيوني قوة لا تهزم فلا حشود عربية استعادت القدس ولا حفظت كرامتهاولا احتفظت بماء وجهها.

وفي 21 أغسطس من عام 1969م
تجرأت فلسطين بإشعال النار في الجانب الشرقي للجامع القبلي الموجود في الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى
والتهمت النيران كامل محتويات الجناح بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين. مستفيدة من غفوة العرب أو بالأصح مستفيدة من غرق العرب في النوم العميق حتى قالت رئيسة وزراء الكيان “جولدا مائير “في ذلك
عندما أحرقنا المسجد الأقصى لم أنم طوال الليلكنت خائفة من أن يدخل العرب إسرائيل أفواجامن كل مكان ، ولكن عندما أشرقت شمس اليوم التالي
علمت أن باستطاعتنا أن نفعل أي شيء نريدهفنحن أمام أمة نائمة.
وتستمر أفعال الكيان اليهودي المتجبرة كل يوممن قتل فلسطينيين واغتيالات البعض وسجن الكثيروهدم منازل الكثير فوق أصحابها وتدميرها والاستيلاء على الأراضي بعد أن نظفتها من منازل أصحابها وترحيل معظم الفلسطينيين من موطنهم الأصلي إلى مخيمات النازحين ليتجرعوا مرارة المعاناة بكل أشكالها.

27ديسمبر 2008_18يناير 2009م
في هذه الفترة جرت معارك طاحنة بين كتائب غزة والعدو اليهودي المحتل
استمرت ثلاثة أسابيع ويوم واحد خسر فيها الطرفان وكانت خسائر الفلسطينيين المدنيين أضعافاً مضاعفة لأن مبدأ الأعداء قذر وخارج عن الإنسانية
وقد وصل عدد شهداء الفلسطينيين إلى ما يقارب 1285 ووصل عدد جرحاهم إلى 4850 نستطيع القول أن كلهم مدنيين عدا أعدادا قليلة لا تذكر مقارنة بالمدنيين.
في حين صرح الكيان اليهودي بمقتل 14 وجرح 300.
وفي كل عام تتكرر وحشية الكيان اليهودي المحتل على المدنيين الفلسطينيين وبجرائم أبشع عن الجرائم السابقةولا ردة فعل من العرب تجاه ذلك.
وبمرور الأيام تأتي النكبات لتعصف بالبلاد العربية فقد أصبح الكيان اليهودي مع أمريكا وبمسميات محاربة الإرهاب تعصف بالبلدان العربية واحدة تلو الأخرى بداية بالعراق
وكأن الأيام دوارة للصامتين ظلما على أبناء فلسطين ومأساتهم المستمرة منذ عقود من الزمن المقتربة بإيفاء القرنومع تتطور الكيان اليهودي المحتل بخبثه وحقده وجهل العرب بني له أيادي حقيرة وصنع له عمالة ذات اقتصاد مذهل
أصبح يستخدمها لزعزعة البلاد العربية آمناً وسياسةً واقتصاداً وإنسانيةً مستغلاً جهل العرب وغبائهمفلم تسلم من خبثهم وحقدهم أي بلاد عربية أو حتى مسلمة ولم يسلم أي مواطن عربي أو مسلم فهذه العراق ونكبتها وسوريا ومعاناتها واليمن ومظلوميتها
والجميل في الأمر ان بعض العرب صحوا من غفوتهم وأدركوا حقيقة الأيادي العميلة التي أدخلتهم في متاهةوقاموا بمواجتها بكافة الطرق حتى أردوها خائبة ذليلةوسطروا ملاحم شتى علت من شأنهم واستعادوا بها كرامتهم وعزهم وإبائهم وزادوا فوق ذلك بإشعال غضبهم الساخط على كل القوى العميلة ووصل وعيهم إلى تكاتفهم واتحادهم التي باتت قريبة على موعدها المحتوم
فسلامٌ سلام على العرب الأمجاد التي تشتعل نفوسهم بالنخوة وتعتلي بالعزة والكرامة .
حينما وضعتُ عنوان هذه الكتابة وسطرته معتلياً بكبريائه الساخر (غفوات الأمة المتكررة)
لم يكن مختص بفلسطين خاصة فقط ، فنكبة فلسطين لم تفزّ الأمة بعدها قط ، بل كانت غفوة طويلة ومستمرة والغفوات المتكررة لم تكن لتحدث لنفس النكبة بل كانت لكل نكبة غفوة خاصة بها رغم الغفوات السابقة لها ودون اتعاظ فحان الوقت لنولي ذلك الزمان بما يتضمنه
وحان الوقت لتسطير ملاحم مضادة لذلك الزمان وحان الوقت لتحول من امة مظلومة إلى امة منتصرة على ظالمها وظلامها
وحان الوقت لبزوغ شمس الحرية والكرامة من بعد الظلام الهالك الذي حل بها عقود وقرون متتالية وحان الوقت لاستعادة مجد العرب وكرامتهم المفقودة.

التعليقات مغلقة.