بين كربلاء الأمس وكربلاء اليوم ..وصمةُ عارٍ على جبين كلِّ متخاذل

 

 

شرف الدين العياني

 

مهما كانت أعذار أولئك الذين خذلوا الأمام الحسين وتركوه غريباً في صحراء كربلاء لا ناصر له ولا معين ، ومهما كانت حججهم فهي لن تمحو الإثم الكبير الذي اقترفوه ،ولن ينسى الزمان تخاذلَهم عن نصرة الإمام الحسين (ع ) ،وتفريطهم في نجدته ،والقيام معه  .

ما الذي أقعدهم ؟ وما الذي أخّرهم عن نصرة ابن رسول الله ؟!

ألم يكن الحسين سيدَ شباب أهل الجنة ؟ ألم يكن يزيد وابن زياد شاذَيْن عن الدين ،وشاربين الخمر ،وقاطعَيْن الصلاة؟

بلى كل ذلك يعرفونه ،ولكن حليت الدنيا في أعينهم ،وصغر الله في قلوبهم فرأوا كل شيء أمامهم كبيراً ،وانقادوا لأهوائهم ورغباتهم .

البعض منهم خذله وتعذّر بأن لديه أبناءً ،وزوجةً يخشى مفارقتهم.

آخر استهوته الدنانير والدراهم وآخر مستهينٌ بالحسين وقاعدٌ مع القاعدين.

وتعددت الأعذار والمعذّرون حتى سقط سبط رسول الله شهيداً في أرض كربلاء وقتل أطفاله وسُبيتْ نساؤه ،وأهل بيته .

أيُّ وصمةِ عارٍ في جبين أولئك المتخاذلين ؟ وأي لعنةٍ ستلاحقهم ؟

ولكن ما أشبهَ الليلةَ بالبارحة!

فأعذار ،أولئك المتخاذلين عن كربلاء هي نفس الأعذار في متخاذلي العصر ،الذين يرون تلك الأشلاء المقطّعة والأوصال الممزّقة من الأطفال والنساء ،فلا تتحرّك لهم غيرةٌ ،ولا تقوم لهم أنفة ،ولا حمية ،من مجازر وإباداتٍ وقتلٍ وتشريدٍ ،وانتهاكٍ يتعرض له أبناء الشعب ،وهم لا يزالون في صمتهم ،وكأنّ الأمر لا يعنيهم هؤلاء لو تقادم بهم الزمان لكانوا مع أولئك الخاذلين ،وسيُحشَرون معهم، ويقفون بين يدَيْ الله ويُسألون عن كل قطرة دمٍ سُفكَتْ لماذا سكتوا عنها؟ وعن الأرواح المهدّرة والأجساد المبعثرة لم تتوانى في نصرتها؟ سيُحاسبون ،ولن يُقبل من أحدهم عذرٌ ولو ألقى معاذيره.

التعليقات مغلقة.