في حوار مطول معه.. رئيس مكوّن “الحراك الجنوبي”: الشرعية الحقيقية هي لمن يملك الأرض والقرار

موقع طلائع المجد | متابعات | 23

اتهم اللواء خالد باراس، رئيس مكون «الحراك الجنوبي» المشارك في «مؤتمر الحوار الوطني» والموقع على اتقاف «السلم والشراكة»، دولة الإمارات بالزج بأبناء الجنوب في معارك عبثية لا علاقة للجنوب ولا قضيته بها، وأكد في حوار لموقع «العربي» أن معظم من يقاتلون اليوم مع الإمارات لا يدركون حجم المؤامرة التي تنفذها أبو ظبي ضد اليمن، شماله وجنوبه بل وضدهم بصفة خاصة. وأشار إلى أن الكثير من الجنوبيين الذين انجرفوا وراء الإمارات وتحولوا إلى أدوات لتنفيذ أجندتها، سيدركون أنهم كانوا ضحايا.

دعيتم في الآونة الأخيرة إلى غضب شعبي في الجنوب انتصاراً للكرامة؟

نعم… هناك غضب جنوبي طبيعي في ظل تدهور الأوضاع المعيشية في الجنوب، فغالبية أبناء الجنوب أخرجهم الجوع، ويقومون بثورة جياع من اجل كسر الخبز، ولكن كان يفترض أن تحظى الجرائم التي ارتكبتها الإمارات بحق أبناء الجنوب في السجون السرية، باهتمامات الشارع الجنوبي، وأن ترفع لافتات في كل مسيرة احتجاجية او تظاهرة غاضبة تندد بتلك الجرائم، التي تعددت ما بين التعذيب والإخفاء القسري والاغتصاب.

أنا هنا استغرب لماذا غضب الشارع الجنوبي بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والدواء والوقود نتيجة انخفاض العملة، ولم يثوروا من أجل الكرامة التي تنتهك في السجون السرية الإماراتية، ما يتعرض له المئات من أبناء الجنوب في سجون الإمارات السرية قضية تستحق الغضب من أجلها، ولو كنت متواجد في الجنوب لشاركت الشباب الحر في الاحتجاجات، ولرفعت لافتات ترفض جرائم الإمارات في السجون السرية.

يقاتل الآلاف من أبناء الجنوب في الساحل الغربي بقيادة الإمارات، كيف ترون ما يحدث؟

ممكن القول إن الآلاف من المخدوعين من أبناء الجنوب والمغرر بهم، يعملون بالأجر اليومي مع شركة «بلاك ووتر»، التي تقف وراء تحشيد الجنوبيين بطلب إماراتي، فهي من توفر المرتزقة لأي طرف، وتصرف رواتب تلك العناصر بالدرهم والريال السعودي.

الإمارات والسعودية ملتزمة لتلك الشركة الأمريكية الخاصة بتحشيد والدفع بأولئك المقاتلين لتنفيذ أجندتها، ولذلك من يقاتل مع الإمارات في الساحل الغربي ليسوا جنوداً أساسيين في جيش منظم، وسوف يكتشف أبناء الجنوب أنهم تعرضوا للخداع من قبل الإمارات ومِن مَن يقدمون أنفسهم كقيادات لهم.

 ولكن هناك من بعض القيادات الجنوبية الموالية للإمارات من يتحدث عن تحرير الحديدة وتحقيق الانفصال؟

البعض من أبناء الجنوب أو من القيادات الجنوبية يتكلمون بكلام كبير، ويروجون في أوساط البسطاء بأن اقتحام الحديدة سوف يدفع التحالف لتمكين الجنوبين من الانفصال، وهناك من يزج بالآلاف من أبناء الجنوب لكي يثب للإمارات بأنه حليف قوى، ولكن يقدمون أنفسهم كعملاء أوفياء للإمارات.

اليوم ترفع الأعلام الجنوبية على مدرعات الإمارات وآلياتها العسكرية في ضواحي مدينة الحديدة؟

لا علاقة للجنوب ولا بالأعلام الجنوبية بالحديدة أو بالمعارك في الشمال، ومن يرفعون تلك الأعلام هم ضحايا ومقاتلين بالأجر اليومي، وممكن القول انهم جيش مرتزقة. للأسف، استعانت الإمارات بشركة مقاولات أمريكية او مرتزقة تولت عملية تحشيدهم بنفسها من عدد من مناطق الجنوب، بهدف دفعهم للقتال مقابل ألف ريال سعودي أو ألف درهم إماراتي، وزجت بهم في معارك الشمال لتنفيذ أجندة الإمارات الخفية ومطامعها في السواحل اليمنية.

ولكن يتم تحشيدهم عبر وسطاء محليين؟

نعم هناك ضعاف نفوس باعوا انفسهم في الجنوب، كما هو الحال في الشمال، ولكن المقاتلين الجنوبيين لا يدركون أنهم مغرر بهم، وسيدركون ذلك عندما يتم الاستغناء عنهم .

باعتبارك رئيساً مكوناً في «الحراك الجنوبي»، هل الوضع في اليمن بشكل عام أصبح متاحاً للانفصال؟

الانفصال غير متاح حالياً، وقبل الحديث عن القضية الجنوبية علينا ان نسأل عن الدولة التي سيتم التفاوض معها، فلم يعد هناك دولة حقيقية، ونحن في «مكون الحراك» نرى استحالة قضية مصيرية في ظل العدوان، والاحتلال لن يخدم سوى الاحتلال، لأن حسم القضية جاءت من قبل الاحتلال وليست بإرادة شعبية، ولذلك في حال ما تم انتخاب رئيساً جديداً وبرلمان وسلطات تشريعية منتخبة تمتلك القرار، يمكن مناقشة الحديث عن حل القضية الجنوبية، أما الآن فالجنوب محتلاً، وهناك انقسام سياسي، بالإضافة إلى أن الحكومة الشرعية لا تمتلك القرار، وأي خطوة نحو الانفصال من خلال الاستقواء بالاحتلال سيكون له تداعيات كارثية، وقد يتسبب بتقاتل داخلي لأنه سيخدم أطراف محدودة بصورة مؤقته .

تشاركون كـ«مكون جنوبي» اليوم في مشاورات جنيف، هل تمثلون القضية الجنوبية في المشاورات؟

 سنعمل على حل المشكلة الأساسية التي تعاني منها اليمن بشكل عام، والممثلة بالحرب والحصار والتداعيات الاقتصادية والإنسانية التي ضاعفت معاناة الشعب اليمني، فمشاركتنا كمكون جنوبي ستكون من أجل اليمن والجنوب ايضاً، فعلى مدى ثلاث سنوات ونصف من الحرب، فشل خيار القوة والعنف الذي اتخذه «التحالف» في تحقيق أي هدف، بل دمر البنية التحتية وقتل عشرات الألاف من اليمنيين، واوصل الوضع إلى حالة مأساوية .

ولذلك لا خيار اليوم أمام اليمنيين إلا العودة إلى السلام لإنقاذ هذا الوطن أولاً، والقضية الجنوبية سيتم حلها في إطار الدولة التي سيتم الاتفاق عليها.

ألا ترى أن فشل مشاورات جنيف قد يتكرر في حال عقد مشاورات جديدة؟

«التحالف» لم يحقق أي هدف من حربة وعدوانه على الشعب اليمني طيلة السنوات الماضية، وتمسكه بالخيار العسكري أصبح اليوم خيار الفاشلين والعجزة، ويبدو ان «التحالف» لا يزال متمسكاً بالخيار العسكري.

ولكن «التحالف» برر كل ما حدث باستغلال وفد صنعاء للمشاورات ونقل جرحى إيرانيين؟

«التحالف» لم يلتزم منذ بداية هذه الحرب بأخلاق الحروب، فالمنطق اللاأخلاقي يقول انه غير مسموح بإخراج الجرحى، والغريب ان «التحالف» يبرر منع سفر الجرحى مع الوفد بسبب ان فيهم إيرانيين، وإذا كان هناك اخلاق لدى «التحالف» فسيتم السماح للجرحى بالسفر للعلاج، فأخلاق المقاتل الشجاع تسمح بمرور النساء والمرضى والجرحى، وأخلاق الجبناء ترفض السماح لهم بالمرور.

مأساة الجرحى غير مبررة وليست في الداخل، بل هناك الآلاف في الخارج يعيشون أوضاعاً صعبة منذ ثلاث سنوات ولم يستطيعوا العودة إلى صنعاء، ويأتي رفض «التحالف» بالسماح بعودتهم تحت مبرر أن البعض منهم سيذهبون للقتال ضد «التحالف»، فهل هذا مبرر منطقي من قبل تحالف يمتلك كافة أسلحة العالم، ويمتلك مئات الآلاف من المقاتلين، لا وإنما سقوط أخلاقي.

مثلتم القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار، هل كان هناك إجماع جنوبي على قيامكم بذلك الدور؟

الكثير من مكونات «الحراك الجنوبي» رفضت الحوار الوطني او المشاركة فيه حينذاك، واعتبرت من يشارك في الحوار خائناً للقضية الجنوبية، ورفعت شعار «لا تفاوض ولا حوار نحن أصحاب القرار»، ونحن انطلقنا من ان الحوار هو الأساس، وان حل القضية لا بد ان يكون بين الجنوبيين ومكوناتهم والدولة في صنعاء، حتى نصل إلى حل عادل للقضية الجنوبية.

ولكننا بادرنا مع العديد من القيادات الجنوبية للمشاركة والحوار كممثلين للجنوب، وكان الحوار برعاية خليجية، ومهما كانت المخرجات متفق عليها أم لا، فإن الأرضية المناسبة لتنفيذها لم تعد متوفرة في الشمال او الجنوب.

ما أبرز المكاسب التي حققتموها للجنوب في «مؤتمر الحوار الوطني»؟

أعدنا الشراكة كما كان يجب أن تكون من بعد الوحدة، وتم الاتفاق على الشراكة الكاملة في كافة مناصب الدولة العليا والدنيا بنسبة 50%، بالتساوي في بين الشمال والجنوب على قاعدة الوحدة الوطنية.

اليوم هل أصبحت تلك الحلول منسجمة مع واقع الجنوب اليوم؟

تلك الحلول كان من الممكن تحقيقها حتى وإن كان هناك رفضاً لها، ولكن بعد خروج هادي وتعرض البلد لحرب، فإنه من المستحيل ان تكون الحلول السابقة قابلة للتنفيذ، فاليوم من المستحيل ان تنفذ مخرجات الحوار الوطني بشأن القضية الجنوبية، فالحرب والتدمير والاحتلال غير معالم كثيرة، فالمحافظات ليست منسجمه، لم تعد مع بعضها، والانقسام السياسي والاجتماعي بلغ مستويات خطرة.

خلال توقيعكم اتفاق «السلم والشراكة»، مثلتم الجنوب أم القضية الجنوبية؟

وقعنا باعتبارنا «مكون الحراك» المشارك في الحوار برعاية الأمم المتحدة، بمعنى أننا مكون معترف بنا دولياً، و الاتفاق كان اتفاق شراكة سياسية، و«الحراك الجنوبي» لم يكن مشاركاً في السلطة العليا ولا في السلطات التنفيذية، ولا في السلطات التشريعية.

دخلنا في حوار برعاية أممية برعاية جمال بن عمر، وكان الهدف إنقاذ الوضع السياسي في اليمن وتفادي الفراغ السياسي الذي تسببت به استقالة هادي من منصبه، والتوصل إلى حل ينهي الأزمة السياسية، ولكن تفاجأنا بأن الرئيس رفض تنفيذ الاتفاق، برغم أن الاتفاق أيده مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، وكان يحث على إعادة تشكيل الرئاسة، بحيث يتم تشكيل مجلس الرئاسة برئاسة هادي وعضوية الأحزاب والمكونات الموقعة على اتفاق «السلم والشراكة»، ولكن هادي رفض وأصر على ان يبقى رئيساً للجمهورية .

ما الذي أفشل الاتفاق هل هو هادي؟

هروب هادي إلى عدن وإعلان «التحالف» الحرب على اليمن بشكل مفاجئ، أفشل تلك الحلول التي قال عنها المبعوث الدولي جمال بن عمر إنها أصبحت قاب قوسين أو أدنى.

اطلعتم على تقرير لجنة الخبراء الدوليين بشأن جرائم التعذيب التي ارتكبت في السجون السرية في الجنوب، كيف قرأتم ذلك؟

ما ذكره التقرير صادم ومفزع، وانا اترفع عن ذكر ما جاء في التقرير من جرائم وانتهاكات جسيمة لا يمكن أن يرتكبها أي إنسان، بل وحوش بشرية منزوعي الشرف والأخلاق، وتعكس حالة الانتهاكات التي ارتكبتها الإمارات في الجنوب، وتؤكد أن بقاء المحتل الإماراتي لن تطول.

انت ترى الوجود الإماراتي احتلال، ولكن أبو ظبي تبرر وجودها في الجنوب بمكافحة الإرهاب واستعادة «الشرعية»؟

ما يجري في اليمن أمر غريب، لا ينطبق مع العقل والمنطق، فـ«التحالف» الذي دمر اليمن من تحت ذريعة استعادة «الشرعية»، يمنع «الشرعية» من العودة إلى عدن، ولذلك فتلك الحكومة التي تدعي «الشرعية» أصبحت قانعة بأن العودة للحكم مرة أخرى مستحيلة، ولذلك أخذوا ما أخذوا وعملوا على تأمين أنفسهم في الخارج، من خلال شراء منازل ورفع ارصدتهم في البنوك الخارجية.

إذن مَن هي السلطة الشرعية اليوم؟

الشرعية الحقيقية هي لمن يملك الأرض والقرار، وليس لمن لا يملك قراره ولا يسيطر على الأرض، والمقاومة التي يصفونها بالمقاومة في الجنوب او الشمال، فالشرعية لمن يقاوم العدو الأجنبي وليست لمن يقف معه ضد بلده، والمقاومة هي من تقاوم العدوان الأجنبي وتدافع عن الأرض والسيادة وليس من تقاتل مع العدو الأجنبي.

رشيد الحداد

المصدر: العربي

التعليقات مغلقة.