نبحث عن الحقيقة

حدثوني عن الذكرى السنوية لمجزرة الصالة الكبرى.. أحدثكم عن عمق الوجع!

 

موقع طلائع المجد | أقلام حُرة | 7

| عفاف محمد

لا زالت مجزرة الصالة الكبرى لصيقة بأذهاننا وها هو تاريخ 08/10 يدق جرسه إيذاناً بحلول ذكرى أليمة لا تنسى.

فمجزرة الصالة الكبرى لا تعتبر إحدى زلات تحالف العدوان كما ادعى؛ ولكنها مجزرة عن سابق تصور وتصميم . فكانت ولا زالت نقطة سوداء بارزة في ملفهم الإجرامي ضد اليمن وفي ضمير المجتمع الدولي والأممي المتآمر بصمته على مجزرة العصر .

وهذا الموقف الدولي والأممي المتساهل مع مرتكبي المجزرة شجع تحالف العدوان على إرتكاب المزيد من المجازر وعلى سبيل المثال لا الحصر مجزرة ضحيان للطلاب الصغار وعرس سنبان والأسواق الشعبية والكثير من المجازر البشعة التي لايمكن نكرانها أو نسيانها .

فمجزرة الصالة الكبرى محفورة في وجدان كل يمني وكل إنسان شريف في العالم ؛ وأدمت فقط كل القلوب التي تنبض بالإنسانية. ومن السخف والسفافة أن نجد أدمغة ممسوخة تقول بما يُملى عليها : “الحوثي هو السبب وان له يد في تلك الجريمة ” .

وبعيداً عن كل هذا السخف وعن تجاوز للشرح مع جلاء الأدلة وأولها ان التحالف أعترف بهذه الجريمة ووعد بإجراء تحقيق “عادل وشفاف” وتجاهل المجتمع الأممي والدولي عمدا متابعة نتائج التحقيق المزعوم .

فنحن أهل اليمن بكل فئة وطيف وكل مذهب ومشرب وكل قبيلة وكل عزلة كنا مستهدفين في جريمة الصالة الكبرى. فمقترف هذه المجزرة بدم بارد لم يفرق بين حوثي أو مؤتمري ؛ بين شيخ أو ضابط و بين موظف أو اكاديمي أو أي فرد يمني كان .فأهدافه وأطماعة أعلى سقفاً من كل هذه الاعتبارات.

فحماية المدني اليمني لم تكن يوماً ما واردة في حسابات قيادة تحالف العدوان . فقد ضمنت السعودية كونها قائدة التحالف المشؤوم سكوت المجتمع الأممي ؛ وقد أعترف بان كي مون بأن أسوأ عمل أقترفه في حياته “بأنه قبل بإسقاط دول تحالف العدوان عن اللائحة السوداء لإنتهاك حقوق الإنسان وخصوصا الأطفال في اليمن ” ؛ وقد برر ذلك بأن السعودية هددت بإيقاف تمويل نشاطات كافة المكاتب التابغة لها . وكم اشترت أيضا ذمم معظم رؤساء الدول إما بصفقات السلاح الخيالية بمئات المليارات مع أمريكا والدول الأوروبية وب”مكرمات” لبعض الدول الأخرى.

دعوكم من كل هذا ، فالكلام بذاته اصبح مملا من كثرة التكرار . فقيادة تحالف العدوان لا تزال على عقليتها الصلدة ؛ فبدلا من أن تفهم وتستوعب الهزائم النكراء في كافة الجبهات وتأخذ العبر من فشل عدوانها الكوني على اليمن فإنها مستمرة في الحماقة والغباء بإرتكابها المزيد من المجازر والحصار ضد المدنيين لثني إرادة الصمود والتصدي لدى الشعب اليمني .

سأحدثكم عن تجربة معاشة هي أعمق من أي شرح ؛إنها ليست مجزرة بشعة وحسب إنها جريمة ضد الإنسانية ترقى إلى جريمة حرب لو نفذت في أي بلد آخر . لهولها تتفجر الأحجار الصماء . ولكن أن ترى الألم يكبر يوماً بعد آخر أمام عينك بسبب هذه الجريمة فهذا قمة الألم .

فهذا الاستهداف المتوحش والمتكرر لتحالف العدوان للمدنيين اليمنيين يؤكد بأن هؤلاء لا يردعهم أي رادع أو وازع قانوني، ديني ،أخلاقي أو إنساني . إنهم مجرد وحوش بشرية خالية من كل القيم ولا تشبع غريزة القتل لديها سوى اقتراف المزيد من المجازر. والصمت الدولي والأممي يشجعها على إشباعوتلك الغريزة .

فالوجع يكبر في أنفس الأطفال اليتامى وفي أنفس الأرامل والثكالى. فيكبر الأطفال ولا يجدون اباً حولهم والزوجة لا تجد راعياً وحاميا يعينها على متاعب الحياة والأم تتلضى بنار فقيدها وتتجرع الحسرات.

وتلك التفاصيل التي عشناها ومن الصعب ان أصفها في مجرد كلمات جامدة لا تفسر المشاعر الأحاسيس لتصف فقدان أربعة من أهلي في غمضة عين وفي فعل غادر وفي قمة الخساسة والدناءة ؛ جعلنا يومها نموت ألف مرة في اللحظة الواحدة ونحن نترقب معرفة من تبقى حياً منهم ،والوقت كان يمر ببطء والبحث من تحت الانقاض بين الجثث المتفحمة صعب للغاية وهو أشبه بنبش القبور!

عشنا يومها وجعا لا يمكن وصفه أبداً . لم نتوقع يومها أن يكون هذا التحالف بهذه الوقاحة والسفور واللامبالاة . فهل تعرفون معنى أن تبحثوا عن اهلكم بين الركام والنار والأشلاء وروائح الأجساد المحترقة اختلطت بروائح الأسفنج ومواد البناء. تبحث والانين من حولك والدخان يتصاعد لاتدري اهو دخان يتصاعد من بشري ام قطعة اخرى !تبحث والقلب لازال يرتجي الأمل عساك قد تكون منقذ لشخص ما هناك لكن دون جدوى فمن نجا كانت الأقدار قد حركت قدمه للخروج من مسرح الجريمة ولا يهم ان خرج مبتور الرجل او اليد او جسده ينزف المهم انه خارج سالم !رباااه كم هو المنظر مؤلم.ساعة البحث وكم هي والأنفس تقطر أسى حينذاك والوجع يذبح ويذبح ويذبح حين ينتهي الأمر بعدم العثور على اي شيء!!!!

ولولا شهادة بعض من نجا أنهم كانوا متواجدين لما قرت العين وآمن القلب بأنهم ارتقوا شهداء. وأختفت أجسادهم التي التهمتها نيران الحقد الدفين والغدر غير المحدود .

فالكلمات تتحجر كما الدمع الذي يتحجر في المقل . فتلك النيران التي التهمتهم هي نفسها تضطرم في جوفنا عليهم وعلى مصيرهم .وجريمة الحرب صورة ناطقة عن قمة البشاعة وعن قمة الوجع. فسلام الله على ارواح كل الشهداء. وهناك الشرفاء أمثال سفير الجرحى جلال الرويشان من يصفون المشهد بشكل دقيق كونه عاش التجربة . وكما قال اليوم عبر إذاعة سام في هذه الذكرى الموحشة أن الله قد أبقاه ليوصل رسائل هامة ولينقل المشهد الدامي بكل تفاصيله. وهو ممن يسهمون على الدوام في فضح جرائم العدوان وممن يحملون لواء المسيرة الشريفة التي تعرضت لكل الآفات ولا زالت هي الأرفع والأجل وكل يوم ترتقي بأرتقاء رجال الله الشرفاء والقيادة الحكيمة.

فالقلب لا زال يقطر دما ولا يمكن ان ننسى او ينسى التاريخ هذه الفعلة الشنيعة لبني سعود وأذنابهم . فحق الشهداء لن يموت بالتقادم . وسيتم محاسبة ومقاضاة المنفذ السعودي والداعم الأمريكي . فالطيارون من تحالف العدوان ، وسلاح المجزرة الطائرات الأمريكية والقنابل الذكية الأمريكية .

#الصالة_وجع_لايهجع

اترك رد