نبحث عن الحقيقة

أوغندا بعد السودان: وقود الحرب البرية في اليمن.

موقع طلائع المجد| تقارير | 18

فؤاد الجنيد

بعد تلويح السودان بسحب جنوده المشاركين في الحرب اليمنية، تعتزم دولة الإمارات العربية المتحدة استقدام جنود اوغنديين للمشاركة في الحرب على اليمن بعد الخسائر الفادحة التي تلقاها مرتزقتها في مطلع العام الرابع من العدوان على اليمن. ومن المتوقع أن توافق الحكومة الاوغندية على ارسال عشرة آلاف جندي منهم الفين جندي في الصومال حسب ما ذكرت عدة مصادر عربية وخليجية مقربة من مطبخ التحالف الذي تشكل فيه الإمارات رقما مؤثرا في الأرض اليمنية، سيما الجنوبية منها.

أسباب سودانية

مؤخرًا تحدثت تقارير عدة عن اعتزام السودان سحب قواتها المشاركة في التحالف العربي الذي تقوده السعودية منذ أربعة أعوام في اليمن، ويعود اعتزام الإنسحاب لأسباب تتعلق بمواقف خارجية، وكذا ضغوط داخلية تتبناها المعارضة السودانية وأعضاء من البرلمان، لمطالبة الرئيس السوداني عمر البشير بسحب القوات السودانية من اليمن بعد الأعداد المهولة من القتلى السودانيين في الجبهات اليمنية. ويؤكد المعارضون أن قرار حكومتهم بالمشاركة في التحالف -الذي شكّلته السعودية يوم 26 مارس 2015م- قد استند إلى أمور سياسية واخرى عقدية واقتصادية، غير أن هذه الجوانب لم تعد موجودة حاليا.

قناع سعودي

كان السودانيون ينظرون بكل تقدير واحترام إلى المكانة السياسية الكبيرة التي تحتلها المملكة السعودية من منظور المكانة الدينية، ناهيك عن وزنها الاقتصادي الثري، إلا أن مكانتها التي استند إليها النظام السعودي في دعوته للسودان لتشكيل التحالف ضد اليمنيين بدأت تهتز بصورة كبيرة في الشارع السوداني، بعد الجرائم المتكررة في اليمن، والتغيرات الأخيرة التي أقدم عليها محمد بن سلمان، ومحاربته للعلماء والمفكرين الإسلاميين، وحديثه المتكرر عن التطبيع مع إسرائيل وحقها في امتلاك دولة.

أبو ظبي أبرز الأسباب

ينظر الكثير من السودانيين إلى أن دولة الإمارات تأخذ الحرب في اليمن بعيدًا عن استعادة الشرعية التي يزعمون استعادتها، وهو السبب الذي جاءت من أجله الحرب، حيث اقدمت الإمارات على إقامة دولة جديدة داخل الدولة اليمنية، وغذت العديد من الميليشيات التابعة لها، وغيبت دور الدولة في القرار. وهو ما أكده علي السعدي القيادي في الحراك الجنوبي بقوله أن الإمارات تتعامل مع الجنوبيين كمرتزقة لا تأثير لهم ولا قيمة. إلى ذلك، تتعدد الأسئلة في الداخل السوداني عن مشاركة بلادهم في العدوان على اليمن، ويتساءلون كيف أن مصر وباكستان ودولًا أخرى تربطها بالسعودية علاقات إستراتيجية قوية، لكنها لم تشارك بنفس القدر الذي شاركت به بلادهم في الحرب البرية المكلفة في اليمن.

تأريخ من الإرتزاق

المتتبع لتأريخ الجيش السوداني المرتزق، سيجد أنها ليست المرة الأولى التي يغادر فيها الجندي السوداني حدود بلاده ليشارك فى حرب ليس له فيها ناقة ولا جمل. فهو من خرج إبان الحرب العالمية الثانية ليجد نفسه مقاتلا فى صقيع المكسيك، وصحاري طبرق والعلمين، تحت إمرة المستعمر البريطاني نصرة لتاج المملكة، التى لم تكن تغرب الشمس عنها أو تنزوي ساعة من نهار. وهو ذات الجندي الذي وجد نفسه فى الهضاب الحبشية مدافعا عن تاج الإمبراطور الحبشي الذى كان يتجهمه المستعمر الإيطالي فى العام 1936م. وهو المرتزق ذاته، الذي رابط في ادغال الكونغو إبان البحث الأممي عن السلام فى تلك البلاد التي فقدت ابنها البار “باتريس” نتاجا لمؤامرات الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، دون تحقيق السلام أو الإستقرار حتى اللحظة. في جميع تلك المواقف الحربية، دفع الجندي السوداني روحه بحماس منقطع النظير، و بهمة عسكرية لا تنقضي، دون أن يسأل نفسه لماذا وجد في تلك الاصقاع، ولماذا جعل نفسه وقودا في ذاك الغمار الحربي، وما هي قضيته التي قادته إلى تلك الأجناب والتضاريس، واختارته دون سائر جيوش الدنيا لتمنحه مكافأة النهاية، وترمي جثته لسباع البراري والأدغال.

نفس المصير

في حرب الموت التي يشنها العدوان السعودي الأمريكي على اليمنيين، وجد الجندي السوداني نفسه مجددا وقودا لحرب لا رأس له فيها ولا ذنب، لا على المستوى الشخصي، ولا الرسمي الذى يخص بلاده المنكوبة بردوم من الأزمات، التي لا يكابدها بلد من بلدان المعمورة على كثرتها و تشابكها وتبعاتها. شعب مغلوب تطحنه الفاقة، ويجثم على مفاصله المرض والفقر. وفي المقابل لم يجد اليمنيون قلقا من توافد المرتزقة إلى بلادهم، فأبطالهم يجدون متعة في نزالات الحرب البرية المباشرة التي يتفننون في حسمها بمحارق تلو أخرى، محارق لم تكلفهم سوى الضغط على زناد قناصة، أو ضوء أخضر لصاروخ باليستي قصير المدى.

التعليقات مغلقة.